الملاريا
منظمة الصحة
العالمية الملاريا
الملاريا مرض فتاك تسبّبه طفيليات تنتقل بين البشر
بواسطة لدغات أجناس حشرات بعوض الأنوفيلس الحاملة لعدواه، وهو مرض يمكن الوقاية
منه والشفاء منه.
وأشارت التقديرات إلى أن عام 2018 شهد وقوع 228 مليون
حالة إصابة بالملاريا في أنحاء العالم بأسره.
كما أشارت التقديرات إلى أن عام 2018 شهد وفيات سببها
المرض بلغ عددها 000 405 وفاة.
والأطفال دون سن الخامسة هم الفئة الأشد تضرراً
بالملاريا؛ حيث حصد المرض في عام 2018
أرواح نسبة 67% (000 272 روح) منهم من إجمالي الأرواح
التي حصدها بأرجاء العالم أجمع.
ويستأثر إقليم المنظمة الأفريقي بحصة كبيرة غير متناسبة
من عبء المرض العالمي، إذ آوى في عام 2018 نسبة 93% من حالات الإصابة بالملاريا
ونسبة 94% من الوفيات الناجمة عنها.
وأشارت التقديرات إلى أن إجمالي تمويل أنشطة مكافحة
الملاريا والتخلص منها بلغ ما مقداره 2.7
مليار دولار أمريكي بعام 2018، فيما بلغت المساهمات
المقدمة من حكومات البلدان الموطونة بالمرض 900 مليون دولار، ممّا يمثل نسبة 30%
من التمويل إجمالاً.
والملاريا مرض تسبّبه طفيليات من فصيلة المتصوّرات تنتقل
بين البشر بواسطة لدغات أجناس حشرات بعوض الأنوفيلس الحاملة لعدواه، والتي تُسمى
"نواقل الملاريا". ويوجد 5 أنواع من المتصوّرات التي تسبّب الملاريا
للإنسان، ونوعان منها تشكلان أخطر التهديدات، وهما: المتصوّرة المنجلية والمتصوّرة
النشيطة.
وأشارت التقديرات إلى أن المتصورة المنجلية استأثرت في
عام 2018 بنسبة 99.7% من حالات الإصابة بالملاريا في إقليم المنظمة الأفريقي ونسبة
50% من حالات المرض بإقليم جنوب شرق آسيا التابع للمنظمة ونسبة 71% من الحالات
بإقليم شرق المتوسط ونسبة 65% بإقليم غرب المحيط الهاديء.
والمتصوّرة النشيطة هي طفيلي الملاريا السائد في إقليم
الأمريكتين التابع للمنظمة، وهي تستأثر بنسبة 75% من حالات الإصابة بالملاريا.
أعراض المرض
إن الملاريا مرض حموي حاد عادةً ما تظهر أعراضه على
الأفراد الذين ليس لديهم مناعة ضدّه في غضون فترة تتراوح بين 10 أيام و15 يوماً
عقب تعرّضهم للدغة بعوضة حاملة لعدوى المرض. وقد تكون أولى أعراضه خفيفة - الحمى
والصداع والارتعاد - ويصعب عزوّها إلى الملاريا. ويمكن أن تتطوّر الملاريا
المنجلية إذا لم تُعالج في غضون 24 ساعة، إلى اعتلال وخيم غالباً ما يودي بحياة
المصاب به.
ويبدي الأطفال المصابون بحالات وخيمة من الملاريا واحداً
أو أكثر من الأعراض التالية: فقر دم وخيم، أو ضائقة تنفسية من جرّاء الإصابة بحماض
استقلابي، أو ملاريا دماغية. وكثيراً ما يتعرض البالغون المصابون بالملاريا لفشل
أعضاء متعدّدة من أجسامهم. وقد يبدي بعض الناس بالمناطق الموطونة بالملاريا مناعة
جزئية ضدّ المرض ممّا يفسّر حالات إصابتهم بعدوى المرض غير المصحوبة بأعراض.
من هم المعرضون للخطر؟
لقد تعرض في عام 2018 نصف سكان العالم تقريباً لخطورة
الإصابة بالملاريا، التي تستأثر أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمعظم حالات الإصابة
بها والوفيات الناجمة عنها، ولكن إقليم جنوب شرق آسيا وإقليم شرق المتوسط وإقليم
غرب المحيط الهاديء وإقليم الأمريكتين التابعة جميعها للمنظمة هي أقاليم معرضة
أيضاً لخطر المرض.
وهناك بعض فئات السكان المعرّضة لخطر الإصابة بالملاريا
أكثر من غيرها و يمكن ان تتطور اصابتها إلى مرض وخيم، وهي تشمل الرضع والأطفال دون
سن الخامسة والحوامل والمصابين بالأيدز والعدوى بفيروسه، وكذلك المهاجرين الذين
ليست لديهم مناعة كافية والسكان المتنقلين والمسافرين. ويلزم أن تتخذ البرامج
الوطنية لمكافحة الملاريا تدابير خاصة لحماية فئات السكان هذه من عدوى الملاريا
عقب مراعاة ظروفها تحديداً.
عبء المرض
وفقاً لما يرد في آخر تقرير عالمي عن الملاريا نشر في كانون الأول/ ديسمبر 2019، فقد
شهد عام 2018 حالات إصابة بالملاريا قدرها 228 مليون حالة مقارنة بعام 2017 الذي
شهد 231 مليون حالة. وأشارت التقديرات إلى أن عام 2018 شهد وفيات نجمت عن الملاريا
بلغ عددها 000 405 وفاة مقارنة بعام 2017 الذي شهد وفيات عددها 000 416 وفاة.
وما زال إقليم المنظمة الأفريقي يستأثر بحصة كبيرة غير
متناسبة من عبء المرض العالمي، إذ آوى في عام 2018 نسبة 93% من حالات الإصابة
بالملاريا ونسبة 94% من الوفيات الناجمة عنها.
وفيما يلي 6 بلدان استأثرت في عام 2018 بما يزيد على نصف
حالات الإصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم: نيجيريا (25%) وجمهورية الكونغو الديمقراطية
(12%) وأوغندا وكوت ديفوار (5% لكل واحدة منهما) وموزامبيق والنيجر (4% لكل واحدة
منهما).
والأطفال دون سن الخامسة هم الفئة الأشد تضرراً
بالملاريا؛ حيث حصد المرض في عام 2018 أرواح نسبة 67% (000 272 روح) منهم من
إجمالي الأرواح التي حصدها بأرجاء العالم أجمع.
سريان المرض
تسري الملاريا في معظم الحالات بواسطة لدغات حشرات أنثى
البعوض من جنس الأنوفيلس. ويوجد أكثر من 400 نوع مختلف من البعوض من هذا الجنس؛
منها 30 جنساً تقريباً هي من نواقل الملاريا البالغة الأهمية، والتي تلدغ جميعها
في الفترة الفاصلة بين الغسق والفجر. وتتوقف وتيرة سريان المرض على عوامل مرتبطة
بالطفيلي والناقل والثوي البشري والبيئة.
وتضع إناث بعوض الأنوفيلس بيوضها في الماء التي تفقس إلى
يرقات وتتحول بنهاية المطاف إلى حشرات بعوض بالغة. وتسعى إناث البعوض إلى الحصول
على الدم لتغذية بيوضها. ويعيش كل نوع من أنواع بعوض الأنوفيلس في موائل مائية
مفضلة؛ حيث يفضل البعض منها مثلاً المستجمعات الصغيرة الضحلة من المياه العذبة،
مثل البرك وأثار الحوافر، والتي تنتشر بكثرة خلال موسم هطول الأمطار ببلدان
المناطق الاستوائية.
وتتزايد كثافة سريان المرض بالأماكن التي يكون فيها عمر
حشرات البعوض أطول (ليُتح بذلك أمام الطفيلي الوقت الكافي لاستكمال نموه داخل
الحشرات) والتي يفضل فيها البعوض لدغ الإنسان أكثر من سائر الحيوانات. ويُردّ السبب
الرئيسي لاستئثار أفريقيا بنسبة 90%
من حالات الإصابة بالملاريا في العالم إلى طول عمر أنواع
نواقل المرض الأفريقية وقوة موئلها الذي تلدغ فيه الإنسان.
ويتوقف أيضاً سريان المرض على الظروف المناخية التي قد
تؤثّر في أعداد البعوض وبقائه حيّاً، مثل أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة
والرطوبة. ويتسم سريانه في كثير من الأماكن بطابع موسمي ويبلغ ذروته أثناء موسم
هطول الأمطار وبعده مباشرة. ويمكن أن تندلع أوبئة الملاريا عندما تساعد فجأة الظروف
المناخية والظروف الأخرى على سريان العدوى بمناطق لا يبدي فيها الناس إلاّ القليل
من المناعة ضدّ المرض أو لا يبدونها ضده إطلاقاً. كما يمكن أن تندلع تلك الأوبئة
عندما ينتقل أناس قليلو المناعة إلى مناطق يشتدّ فيها سريان المرض في إطار بحثهم
عن عمل أو لغرض اللجوء مثلاً.
ولعل مناعة الإنسان من العوامل الهامة الأخرى المؤثرة في
سريان المرض، ولاسيما فيما بين البالغين في المناطق التي تشهد سريانه بمعدل معتدل
أو شديد. وتتشكّل لدى الفرد مناعة جزئية من جرّاء التعرّض للمرض طيلة أعوام، ومع
أن هذه المناعة لا تزوده أبداً بحماية تامة ضدّ المرض، فإنّها تقلل فعلاً من خطورة
الإصابة بمرض وخيم من جراء عدوى الملاريا. وعليه فإنّ معظم الوفيات الناجمة عن
الملاريا في أفريقيا تحدث بين صغار الأطفال، بينما يُلاحظ تعرّض جميع الفئات
العمرية للخطر بالمناطق التي يقلّ فيها معدل سريان المرض وتنخفض فيها المناعة.
الوقاية من المرض
إن مكافحة نواقل الملاريا هي الطريقة الرئيسية للوقاية
من سريانها والحد منها. وإذا كانت التغطية بتدخلات مكافحة نواقل المرض ضمن نطاق
منطقة معينة عالية بما فيه الكفاية، فإن شرائح المجتمع كافّة ستُزود حينئذ بأحد
تدابير الحماية.
وتوصي المنظمة بحماية جميع المعرضين لمخاطر الملاريا
بواسطة مكافحة نواقلها بفعالية التي تتخذ شكلين أثبتا فعاليتهما في طائفة واسعة من
الظروف، ألا وهما - الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات والرش الثمالي داخل
المباني.
الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات
يمكن أن يؤدي النوم تحت ناموسيات معالجة بمبيدات الحشرات
إلى تقليل احتكاك حشرات البعوض بالإنسان عن طريق إقامة حاجز مادي ومبيد حشري يطرد
الحشرات على حد سواء. كما يمكن حماية فئات السكان ككل بفضل قتل حشرات البعوض على
نطاق واسع في المواضع التي ترتفع فيها معدلات إتاحة هذه الناموسيات واستعمالها
داخل نطاق المجتمع.
وحصل في عام 2018 نصف إجمالي عدد سكان أفريقيا المعرضين
لخطر الإصابة بالملاريا على الحماية من المرض بواسطة النالموسيات المعالجة بمبيدات
الحشرات مقارنة بعام 2010 الذي بلغت فيه نسبة الحصول عليها 29٪، على أن معدلات
التغطية بتلك الناموسيات ما فتأت تشهد ركوداً منذ عام 2016.
الرش الثمالي بمبيدات الحشرات داخل المباني
إن الرش الثمالي بمبيدات الحشرات داخل المباني هو سبيل
قوي آخر للإسراع في الحد من سريان الملاريا، وهو ينطوي عادة على الرش داخل المباني
السكنية بالمبيدات الحشرية مرة أو مرتين سنوياً. وسعياً إلى تزويد المجتمع بحماية
كبيرة، فإنه ينبغي الاضطلاع بتنفيذ هذا الرش بمعدلات تغطية عالية.
وانخفضت معدلات الحماية التي يؤمنها الرش الثمالي
بمبيدات الحشرات داخل المباني من ذروتها التي بلغت نسبة 5% في عام 2010 إلى 2٪ في
عام 2018، وشهدت انخفاضاً بجميع أقاليم المنظمة، باستثناء إقليم المنظمة لشرق
المتوسط. ويُعزى انخفاض معدلاتها هذه إلى تحول البلدان من استعمال المبيدات
الحشرية التي يؤلف البيريثرويد قوامها إلى بدائل أكثر تكلفة لتخفيف وطأة مقاومة
البعوض للبيريثرويدات.
مقاومة الأدوية المضادة للملاريا
يمكن أيضاً استعمال الأدوية المضادة للملاريا للوقاية
منها. وبإمكان المسافرين وقاية أنفسهم من هذا المرض بواسطة الوقاية الكيميائية
التي تكبح جماح مرحلة انتقال عدوى الملاريا عن طريق الدم وتمكّنهم بالتالي من توقي
الإصابة بالمرض. أما بالنسبة إلى الحوامل اللائي يعشن في مناطق تتراوح فيها معدلات
انتقال المرض بين المعتدلة والشديدة، فتوصي المنظمة بإعطائهن العلاج الوقائي
المتقطع الحاوي على مادة السلفاديوكسين - بيريميثامين في كل مراجعة مقررة يقمن بها
في الفترة السابقة للولادة وعقب الثلث الأول من حملهن. كما يُوصى بإعطاء الرضع
الذين يعيشون بمناطق من أفريقيا ترتفع فيها معدلات سريان المرض ثلاث جرعات من
العلاج الوقائي المتقطع الحاوي على مادة السلفاديوكسين – بيريميثامين جنباً إلى جنب مع
اللقاحات الروتينية.
وقد أوصت المنظمة منذ عام 2012 باعتماد الوقاية
الكيميائية ضد الملاريا الموسمية بوصفها استراتيجية أخرى للوقاية من المرض
بالمناطق التابعة لإقليم الساحل الإفريقي الفرعي. وتنطوي تلك الاستراتيجية على
إعطاء جميع الأطفال دون سن الخامسة المقررات العلاجية الشهرية من العلاج الوقائي
الحاوي على مادة السلفاديوكسين - بيريميثامين والأمودياكين كذلك أثناء موسم ارتفاع
معدلات انتقال المرض.
مقاومة مبيدات الحشرات
لقد تحقق التقدم المحرز منذ عام 2000 في مكافحة الملاريا بفضل توسيع نطاق
إتاحة التدخلات المنفذة لمكافحة نواقلها بالمقام الأول، وخصوصاً في أفريقيا جنوب
الصحراء الكبرى، ولكن هذه المكاسب مهددة بالمقاومة الناشئة فيما بين حشرات بعوض
الأنوفيليس لمبيدات الحشرات. ووفقاً لما يرد في آخر تقرير عالمي عن الملاريا، فقد
أبلغ 73 بلداً عن مقاومة الحشرات لصنف واحد على الأقل من أصل 4 أصناف من مبيدات
الحشرات الشائعة الاستعمال بالفترة الواقعة بين عامي 2010 و2018، فيما أبلغ 27 بلداً آخر عن
مقاومتها لجميع الأصناف الرئيسية من مبيدات الحشرات.
ورغم ظهور مقاومة حشرات البعوض للبيريثرويدات وانتشار
مقاومتها لها، فإن الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات ما زالت تؤمن قدراً كبيراً
من الحماية في معظم المواضع. وهو ما أثبتته بالبينات دراسة
واسعة شملت 5 بلدان تولت المنظمة تنسيق إجرائها بالفترة
الواقعة بين عامي 2011 و2016.
ومع أن نتائج تلك الدراسة مشجعة، فإن المنظمة تواصل
إبراز الحاجة الملحة إلى الاستعانة بأدوات جديدة ومحسنة في توجيه استجابة عالمية
للملاريا. وسعياً إلى الحيلولة دون تقويض أثر الأدوات الأساسية لمكافحة نواقل
المرض، فإن المنظمة تؤكد أيضاً الحاجة الماسة لجميع البلدان التي يتواصل فيها سريانه
إلى وضع استراتيجيات فعالة لإدارة مقاومة مبيدات الحشرات وتطبيق تلك الاستراتيجيات.
تشخيص المرض وعلاجه
يسهم الإبكار في تشخيص الملاريا وعلاجها في تخفيف وطأتها
ومنع الوفيات الناجمة عنها، كا يسهم في الحدّ من سريانها. والعلاج التوليفي
بالآرتيميسينين هو أفضل علاج متاح لمكافحة الملاريا، ولاسيما تلك التي تسببها
المتصورة المنجلية.
وتوصي المنظمة قبل إعطاء العلاج، بتأكيد جميع الحالات
المُشتبه فيها للإصابة بالملاريا باستعمال اختبارات تشخيص الطفيليات (سواء كانت
تُجرى بواسطة الفحص المجهري أم كانت من اختبارات التشخيص السريع)، علماً بأنه يمكن
إتاحة نتائج تأكيد اختبارات الطفيليات في غضون 30 دقيقة أو أقل من ذلك. وينبغي ألا
يُنظر في إعطاء العلاج على أساس الأعراض حصراً إلا إذا تعذر إجراء اختبارات تشخيص
الطفيليات. ويرد مزيد من التفاصيل عن الموضوع في الطبعة الثالثة من "المبادئ التوجيهية
الصادرة عن المنظمة بشأن علاج الملاريا"، التي نُشرت في نيسان/ أبريل 2015.
مقاومة الأدوية المضادة للملاريا
إن مقاومة الأدوية المضادة للملاريا من المشاكل
المتكررة. فقد انتشرت مقاومة المتصورة المنجلية للأجيال السابقة من الأدوية، مثل
الكلوروكين والسلفادوكسين-البيريميثامين منذ خمسينيات القرن الماضي وستينياته،
ممّا قوض جهود مكافحة الملاريا وعكس المكاسب المحققة بشأن إبقاء الأطفال على قيد
الحياة.
ولا غنى عن حماية نجاعة الأدوية المضادة للملاريا
لمكافحة المرض والتخلص منه. ويلزم المواظبة على رصد نجاعة الأدوية للاسترشاد بها
في رسم السياسات المعنية بعلاج الملاريا في البلدان الموطونة بها وضمان الإبكار في
الكشف عن مقاومتها للأدوية والاستجابة لها.
وكانت المنظمة قد أطلقت في عام 2013 الاستجابة الطارئة
لمقاومة الأرتيميسينين بمنطقة الميكونغ الكبرى دون الإقليمية ووضعت خطة رفيعة
المستوى لمكافحة الطفيليات المقاومة للأدوية واحتواء انتشارها وتزويد جميع فئات
السكان المعرضة لخطر الملاريا بأدوات تنقذ أرواحها. على أنه تبين حتى في حال تواصل
إنجاز تلك الأعمال على قدم وساق أن جيوب مقاومة أخرى مستقلة ظهرت بمناطق جغرافية
جديدة من المنطقة دون الإقليمية. كما أعدت بالتزامن مع ذلك تقارير تشير إلى زيادة
مقاومة الأدوية المصاحبة لأدوية العلاج التوليفي بالآرتيميسينين ببعض المناطق،
ممّا ألزم باتباع نهج جديد لمواكبة تطورات وضع الملاريا المتغير.
وأطلقت المنظمة أثناء انعقاد جمعية الصحة العالمية في أيار/
مايو 2015 استراتيجية
التخلص من الملاريا في منطقة الميكونغ الكبرى دون الإقليمية (2015-2030)، والتي حظيت بتأييد
جميع البلدان الواقعة في تلك المنطقة. وتدعو الاستراتيجية في معرض تشجيعها على
اتخاذ إجراءات فورية إلى التخلص من كل أنواع الملاريا التي تصيب الإنسان عبر أنحاء
المنطقة برمتها بحلول عام 2030، وبالتلازم مع
إعطاء الأولوية لاتخاذ إجراءات تستهدف المناطق التي ترسخت فيها الملاريا المقاومة
للأدوية المتعددة.
وتمكنت جميع البلدان الواقعة بالمنطقة من وضع خطط وطنية
للتخلص من الملاريا بفضل الإرشادات التقنية التي زودتها بها المنظمة. وتعكف
المنظمة في معرض تعاونها مع الشركاء على تزويد البلدان بدعم مستمر في جهودها
الرامية إلى التخلص من المرض بواسطة تنفيذ برنامج
التخلص من الملاريا في منطقة الميكونغ،
وهو عبارة عن مبادرة تطورت عن الاستجابة الطارئة لمقاومة الأرتيميسينين
ترصد المرض
تستلزم جهود الترصد تتبع المرض والاستجابات البرمجية
الموجهة إليه، واتخاذ الإجراءات استناداً إلى ما يرد من بيانات. وتمتلك حالياً
بلدان كثيرة ترزح تحت وطأة عبء ثقيل من الملاريا نظم ترصد ضعيفة ولا تتمتع بوضع
يمكنها من تقييم معدلات توزيع المرض واتجاهاته، ممّا يصعب عليها توجيه استجابات
مثلى له ولفاشياته.
ويلزم الاضطلاع بترصد فعال في جميع المراحل المودية إلى
طريق التخلص من الملاريا. وثمة حاجة ماسة إلى تعزيز نظم ترصدها بغية توجيه استجابة
فعالة ومناسبة التوقيت لها بالأقاليم الموطونة بها للوقاية من فاشياتها ومعاودة ظهورها
وتتبع خطى التقدم المحرز في مكافحتها ومساءلة الحكومات والمجتمع العالمي عنها.
وأصدرت المنظمة في آذار/ مارس 2018 دليلاً
مرجعياً بشأن ترصد الملاريا ورصدها وتقييمها، وهو دليل يبين معلومات
عن معايير الترصد العالمية ويوجه البلدان في جهودها الرامية إلى تعزيز نظم الترصد.
التخلص من المرض
يُعرَّف التخلص من الملاريا على أنه وقف السريان المحلي
للملاريا المنقولة بواسطة أجناس محددة من طفيلياتها في منطقة جغرافية معينة بفضل
المواظبة على الاضطلاع بأنشطة مكافحتها. ويلزم الاستمرار في اتخاذ تدابير رامية
إلى الوقاية من معاودة سريان المرض بشكل راسخ. أما استئصال الملاريا فيُعرَّف على
أنه تخفيض معدلات الإصابة بعدوى الملاريا الناجمة عن طفيليات الملاريا البشرية
تخفيضاً مستداماً في العالم إلى مستوى الصفر بفضل المواظبة على الاضطلاع بأنشطة
مكافحتها. ولن يلزم تنفيذ تدخلات لمكافحة المرض بمجرد بلوغ مرحلة استئصاله.
ويتواصل على الصعيد العالمي توسيع نطاق شبكة التخلص من
المرض ويتزايد عدد البلدان الماضية قدماً في تحقيق هدف القضاء عليه. وأفاد 27 بلداً في عام
2018 بأن حالات الإصابة الواطنة بالمرض فيها قلّت عن 100 حالة مقارنة بعددها الذي
أفاد بذلك في عام 2010 والذي بلغ 17 بلداً.
وتصبح البلدان التي لا تشهد وقوع أية حالة ملاريا واطنة
فيها لمدة 3 أعوام متعاقبة مؤهلة لتقديم طلب بشأن الإشهاد
على التخلص من الملاريا من المنظمة. وفيما يلي 10 بلدان أصدر مدير المنظمة
العام شهادات تفيد بخلوها من الملاريا: المغرب وتركمانستان (2010) وأرمينيا (2011)
وملديف (2015) وسري لانكا (2016) وقيرغيزستان (2016) وبارغواي (2018) وأوزبكتسان
(2018) والجزائر (2019) والأرجنتين (2018). وترد في إطار المنظمة بشأن التخلص من
الملاريا (2017) مجموعة مفصلة من الأدوات والاستراتيجيات اللازمة لتحقيق عملية
التخلص من المرض وصونها.
اللقاحات المضادة للملاريا
إن لقاح RTS,S/AS01
(RTS,S) هو اللقاح الأول
والوحيد الذي أثبت قدرته حتى الآن على التقليل بشكل كبير من معدلات الإصابة
بالملاريا والملاريا الوخيمة المهددة لحياة صغار الأطفال بأفريقيا. ويكافح اللقاح
المتصورة المنجلية وهي الطفيلي الأكثر فتكاً المسبب للملاريا في العالم والأكثر
انتشاراً بأفريقيا. وتسنى بفضل اللقاح الوقاية من 4 حالات تقريباً من أصل 10 حالات
إصابة بالملاريا طوال فترة دامت 4 سنوات فيما بين الأطفال الذين حصلوا على 4 جرعات
منه في إطار إجراء تجارب سريرية واسعة النطاق عليه.
ونظراً إلى إمكانات اللقاح في مجال الصحة العمومية، فقد
أشتركت أعلى الهيئات الاستشارية التابعة للمنظمة والمعنية بالملاريا والتمنيع في
التوصية باستعماله عل مراحل في مناطق مختارة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وشرعت ثلاثة بلدان – هي غانا وكينيا وملاوي – في استعمال اللقاح بمناطق مختارة
تراوحت فيها معدلات سريان المرض في عام 2019 بين المعتدلة والمرتفعة. ويتواصل
إعطاء التطعيمات بواسطة برنامج التمنيع الروتيني المنفذ بكل بلد.
وسيعالج البرنامج الرائد العديد من المسائل المعلقة فيما
يخص استعمال لقاح RTS,S صوناً للصحة العمومية. وسيكون ضرورياً للغاية فهم أفضل السبل
الكفيلة بإعطاء الجرعات الأربع الموصى بها من اللقاح؛ وبيان دوره المحتمل في تقليل
وفيات الأطفال؛ ومدى مأمونيته في سياق استعماله روتينياً.
وهذا البرنامج الذي تنسقه المنظمة هو عبارة عن مجهود
تعاوني مع وزارات الصحة في كل من غانا وكينيا وملاوي ومع طائفة من الشركاء
الموجودين داخل تلك البلدان ومع آخرين دوليين، بمن فيهم منظمة PATH غير الربحية
وشركة GSK المعنية باستحداث اللقاح وتصنيعه.
وتجري تعبئة التمويل اللازم لتنفيذ برنامج استعمال اللقاح
من خلال التعاون بين الهيئات الثلاث التالية وهي من كبرى هيئات التمويل العالمية
لقطاع الصحة: التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع، تحالف اللقاحات، والصندوق
العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، والمرفق الدولي لشراء الأدوية (اليونيتيد).
استجابة المنظمة
استراتيجية المنظمة التقنية العالمية بشأن الملاريا
للفترة 2016-2030
تبين الاستراتيجية
التقنية العالمية الصادرة عن المنظمة بشأن الملاريا للفترة 2016-2030 - التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في
أيار/ مايو 2015 – إطاراً تقنياً معداً لجميع البلدان الموطونة بالملاريا لغرض
توجيه البرامج الإقليمية والقطرية ودعمها في معرض سعيها إلى مكافحة الملاريا
والتخلص منها.
وتحدد الاستراتيجية غايات عالمية طموحة وقابلة للتحقيق، ومنها
ما يلي:
تقليل معدلات الإصابة بالملاريا بنسبة 90% على الأقل
بحلول عام 2030؛
تقليل معدل الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة 90% على
الأقل بحلول عام 2030؛
التخلص من الملاريا في 35 بلداً على الأقل بحلول عام
2030؛
الحيلولة دون معاودة ظهور الملاريا بجميع البلدان
الخالية منها.
وقد جاءت هذه الاستراتيجية ثمرة عملية تشاور مكثفة امتدت
لعامين وشارك فيها أكثر من 400 خبير تقني من 70 دولة عضواً.
البرنامج العالمي المعني بالملاريا
يتولى برنامج المنظمة العالمي المعني بالملاريا تنسيق الجهود التي تبذلها المنظمة في
العالم لمكافحة الملاريا والتخلص منها عن طريق ما يلي:
وضع القواعد والمعايير والسياسات والاستراتيجيات التقنية
والمبادئ التوجيهية المسندة بالبينات وتبادلها والترويج لاعتمادها؛
والاحتفاظ بسجلات مستقلة عن التقدم المحرز عالمياً؛
ووضع نهوج بشأن بناء القدرات وتعزيز النظم والترصد؛
وتحديد التهديدات الماثلة أمام مكافحة الملاريا والتخلص
منها، فضلاً عن تحديد مجالات عمل جديدة.
ويحصل البرنامج على الدعم والمشورة من اللجنة الاستشارية
في مجال السياسات الخاصة بالملاريا ومن فريق خبراء عالميين معنيين بالملاريا عُيّن
عقب الاضطلاع بعملية ترشيح مفتوحة. وتُسند إلى اللجنة الاستشارية في مجال السياسات
الخاصة بالملاريا ولاية إسداء المشورة وتقديم المدخلات التقنية، ويمتد نطاق
ولايتها هذه ليشمل جميع النواحي المتعلقة بمكافحة الملاريا والتخلص منها في إطار
الاضطلاع بعملية شفافة ومتجاوبة وموثوقة في مجال رسم السياسات.
"نهج يُعنى بعبء ثقيل ونتائج كبيرة"
دعا مدير المنظمة العام الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس
أثناء انعقاد جمعية الصحة العالمية في أيار/ مايو 2018 إلى اتباع نهج جديد مثابر
لتسريع وتيرة التقدم المحرز في مكافحة الملاريا. ومن ثم أطلقت في تشرين الثاني/
نوفمبر 2018 استجابة جديدة في موزامبيق مدفوعة بجهود البلد تحت عنوان - "عبء ثقيل ونتائج كبيرة
ويتولى حالياً توجيه هذا النهج 11 بلداً ترزح تحت وطأة
عبء ثقيل من المرض (بوركينا فاسو والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا
والهند ومالي وموزامبيق والنيجر ونيجيريا وأوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة)، ومن
عناصره الرئيسية ما يلي:
إبداء الإرادة السياسية اللازمة لتقليل الخسائر الناجمة
عن الملاريا؛
وتوفير المعلومات الاستراتيجية اللازمة لتحقيق النتائج؛
وتحسين الإرشادات والسياسات والاستراتيجيات؛
وتوجيه استجابة وطنية منسقة للملاريا.
ويستند النهج المعني "بعبء ثقيل ونتائج
كبيرة"، المدفوع بجهود المنظمة وشراكة دحر السل لإنهاء الملاريا، إلى المبدأ
القائل إنه ينبغي ألا تزهق روح أي أحد بسبب مرض يمكن الوقاية منه وتشخيصه والشفاء
منه تماماً بواسطة علاجات متوفرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق